عناصر معدنية أخرى
لقد مررنا على أهم العناصر المعدنية التي تدخل في غذاء الإنسان، وأثر نقص كل منها. وحتى نكمل هذا الباب من الحديث (انتبه لغذائك تسلم) سنمر على ما تبقى من تلك العناصر باختصار شديد.
الكلور
يقوم الكلور بالإضافة الى الصوديوم والبوتاسيوم بتنظيم توازن الحوامض والقواعد وتنظيم الضغط الأسموزي للسوائل في الجسم. كما أنه يلعب دورا هاما في إفرازات المعدة حيث يفرز على صورة حامض الهايدروكلوريك HCL ويطرح الكلور من الجسم مع البول أو العرق.
ومعظم المواد الغذائية فقيرة بالكلور عدا السمك. ونلاحظ في مهنتنا أنه في حالة نقص الكلور والموجود في (ملح الطعام) في الدجاج، فإن حالة افتراس ونقر الدجاج لبعضه وتتكون حالة نتف الريش. كذلك فإن إنتاج الحليب بالأبقار يقل، وتنخفض شهية الحيوانات للطعام ويقل وزنها كنتيجة أخيرة. ونعالج ذلك في التحكم بكمية ملح الطعام بالخلطة العلفية ففي الدواجن (معدة واحدة) نعطي 2% من الملح في الغذاء. ونرفعها لخلطات أعلاف الأبقار (3 معد) الى 4% في الصيف لتعويض الملح المفقود في إفراز العرق والبول.
وحتى لا يفهم القارئ، أن هناك فائدة تزيد مع زيادة الملح، كما نلاحظها عند الأطفال في زيادة كمية الملح في غذائهم. فهذا سيؤدي الى إرهاق الكلى وتلفها بوقت مبكر، وفي الحالات التي يقل فيها تناول ماء الشرب، فإن زيادة نسبة ملح الطعام في غذاء الإنسان عن 1% ستؤدي الى نتائج غير محمودة.
الكبريت
يتركز الكبريت في جسم الإنسان في البروتينات الحاوية على الأحماض الأمينية (وسنفرد لها زاوية منفصلة) وهذه الأحماض هي: (السستين والسستأين والميثونين) وكذلك في بعض الفيتامينات (البايوتين والثيامين) وهرمون (الأنسولين) .. كذلك يشكل الكبريت 4% من تكوين الشعر.
ونقص الكبريت، يؤدي الى أعراض تتمثل بالقدرة على إنتاج الأحماض الأمينية وخلل في تكوين الشعر. خصوصا لأولئك الذين يضعون لأنفسهم قوائم من المحرمات في الطعام (كسلوك طفولي .. لا أحب كذا ولا أقترب من كذا) ..
نحن نعالج تلك الحالة في الخلطات العلفية للحيوانات بإضافة العنصر ضمن خلطات معينة كإضافة (اليوريا) مثلا لخلطات علف الأبقار. لكن في حالات تغذية الإنسان فإن ذلك العنصر يوجد في بعض المواد بكثرة كالبيض و الكرنب والثوم والقرنبيط واللفت، وقد تجد بعضهم قد وضع تلك المواد مجتمعة في قائمة (المكروهات!).
الكوبلت
تم اكتشاف أهمية هذا العنصر في عام 1807 من قبل العالم (هوك)، حيث انتشر مرض أطلق عليه اسم (البتك) .. ولتقريب صورة هذا المرض، فمشية الإنسان أو الحيوان تكون كمشية رجال الفضاء (بالصورة طبعا) أو كمن وضعت أثقال على ساقيه، وكنا نلاحظها في العجول التي ينقص الكوبلت في علفها، أن ظهرها يتقوس وتنثني سيقانها.
لكن، ما يهمنا في الحديث هنا هو الاتصال المباشر بين هذا العنصر وفيتامين B12 الذي يؤدي نقصه الى انخفاض وزن الإنسان نتيجة فقدان الشهية، وفقر الدم، والموت .. ويأتي نقص الكوبلت أصلا من نقصه في التربة المنتجة للمادة الغذائية فإن كانت التربة فقيرة بالكوبلت فإن ما ينتج عنها من نباتات سيكون فقيرا، سواء كانت تلك النباتات (مراعي أو حقول أو بساتين) .. لذا فتحسسه يأتي بالدرجة الأولى من المهتمين في مراقبة إنتاج الحقول والبساتين.
عموما فإن احتياج الإنسان لا يزيد على 0.1 ملغم من الكوبلت لكل 1 كغم من وزنه، ولا يتسمم الإنسان منه إلا إذا ارتفعت تلك النسبة عشرة أضعاف. ومعظم نباتات المراعي تكون نسبة الكوبلت في منتجاتها بين 0.1ـ0.25ملغم/ا كغم من المادة الجافة .. ويحدد احتياج العنصر في المختبرات.
المنغنيز
كميته في جسم الإنسان منخفضة جدا، وتتركز في الكبد والبنكرياس والكليتين والغدة النخامية. وتنحصر أهميته كونه منشط لعمل الأنزيمات. وقد ظهر في المختبرات أن نقصه يؤدي الى انخفاض عملية التبويض (إنتاج البويضة) في إناث الفئران واضمحلال الأنابيب المنوية عند الذكور مما أدى للعقم.
يوجد في معظم الحبوب عدا الذرة الصفراء وتعتبر نخالة القمح من أغنى المصادر.
الخارصين
يتجمع هذا العنصر في عظام الإنسان بدل الكبد الذي يعتبر مخزن معظم المواد، ولوحظ أنه يدخل في تركيب الشعر، وكذلك في العديد من الأنزيمات. ويؤدي نقصه الى انخفاض نسبة التحويل الغذائي (يأكل الإنسان ولا يظهر عليه علامات نمو واضحة) وكذلك تشوه العظام .. تعتبر الخمائر وأجنة الحبوب من أغنى مصادر الخارصين
المولبيديوم
بقي هذا العنصر لمدة طويلة من العناصر الأساسية في التغذية، لا لأنه يدخل في فائدة الإنسان، بل لأنه يعتبر عنصرا ساما في تغذيته. أما الآن فقد تم اعتباره من العناصر النادرة الضرورية في التغذية، حيث أنه يدخل في عمل الكثير من الأنزيمات (قد نفرد بابا لمناقشة الأنزيمات) .. وقد وجد أنه يلعب دورا هاما في تكسير السليلوز (ألياف الفواكه والخضراوات والحبوب) في المعدة.
خلاصة
هذه أهم المعادن مررنا عليها بسرعة، لنعطي صورة من باب الثقافة والعلم بالشيء .